إذا لم تجد القدوة.. كُنِ القدوة
لا نظنّك تعدم القدوة في أيّ وقت وفي أيّ مكان ، فالأنبياء (عليهم السلام)والائمة والصالحون من عباد الله الذين خلّد التأريخ ذكرهم ، قدوات خالدة ، وليست قدوات لمقاطع زمنية محدّدة ، ولو كانوا قد انتهوا كقدوات لما كان الله سبحانه وتعالى يطلب منّا التأسّي بهم رغم البعد الزمني الذي يتجاوز آلاف السنين .
وعلى فرض أ نّك لم تجد في محيطك قدوة تتأسّى بها وتكون مثالك الذي تقتفي خطواته ، فلتصنع من نفسك قدوة لغيرك ، أي حاول أن تؤسِّس للقدوة في المحيط الاجتماعي والعملي الذي أنت فيه ، بل حتى مع وجود القدوات الصالحة ، ليعمل كلٌّ منّا في أن يكون قدوة منافسة في الخيرات .
إنّ زيادة قدوة أخرى يزيد في رصيد القدوات الصالحة بين الناس ، ويرفع المجتمع من درجة مجتمع تقليدي يراوح مكانه ، إلى مجتمع يرتقي إلى الأعلى ، ذلك أنّ القدوة هي نموذج نوعي تصنعه جهود كبيرة وسعي متواصل لنيل الدرجات العُلى .
ألم تقرأ في كتاب الله المجيد قوله تعالى : (واجعلنا للمتّقين إماما )(14)فأنت لا تطلب أن تكون تقيّاً وحسب ، بل أن تكون قدوة وأسوة للمتّقين ، فالإمامة مثل أعلى ، والمأموم في حالة اقتداء مستمر بالإمام ، لكنّه وهو يقتدي بغيره لا بدّ أن يكون قدوة لغيره .
واللاّفت في الآية الكريمة أنّ الطلب يمثل مستوى الطموح ، فالإمامة المطلوبة ليست للمسلمين ، أو المؤمنين ، بل للمتقين ، فإذا كانت التقوى هي معيار التفاضل بين الناس وفقاً لقوله تعالى : (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم )(15) فإنّك يمكن أن تكون قدوة لأفضل الناس وأحسنهم وأكرمهم ، والطريق إلى ذلك مفتوح ، وليس حكراً على أحد .
هل تفكّر أن تكون قدوة للمتقين الصالحين ؟
ليس مع العزيمة والإرادة مستحيل .